لغز “جهاز السكانير” بالمستشفيات العمومية في المغرب

بشرى مبكير24 سبتمبر 2025آخر تحديث :
لغز “جهاز السكانير” بالمستشفيات العمومية في المغرب

يطرح الواقع الصحي في المغرب، ولا سيما في المستشفيات العمومية، لغزا متكررا على ألسنة المواطنين: لماذا يعمل جهاز السكانير في العيادات الخاصة بكفاءة ودون انقطاع، بينما يعاني نظيره في المستشفيات العمومية أعطالا متكررة؟

المعاناة اليومية للمرضى وذويهم تضيف بعدا إنسانيا للسؤال، إذ يضطر الكثيرون لتحمل تكاليف باهظة للفحوصات في القطاع الخاص، بعد أن يتعذر لهم في المستشفى العمومي بـ”عطل تقني” أو “صيانة دورية”.

في جولة سريعة داخل أحد المستشفيات العمومية، ستصادف لافتة تقول: “جهاز السكانير خارج الخدمة”، وكأنها جزء من ديكور دائم. وعند توفر الخدمة، يطلب من المريض العودة بعد أيام أو أسابيع.

تفسيرات الإدارة غالبا ما تكون جاهزة: قدم الجهاز، نقص قطع الغيار، أو تأخر الشركة المزودة. لكنها تبدو ضعيفة أمام الواقع الذي يظهر أن نفس الأجهزة، في مراكز خارجية، تعمل بكفاءة.

هذا الاختلال ليس مجرد خلل فني، بل ظاهرة بنيوية لها أبعاد إدارية واقتصادية وأخلاقية، إذ كشفت تقارير عن شبهات تضارب مصالح داخل بعض المستشفيات. مع ميزانيات مخصصة للصيانة، إلا أن الوضع لم يشهد تحسناح رغم وعود المسؤولين المتعاقبة.

القطاع الخاص يثبت أن الحل ممكن: صيانة سريعة، كادر مؤهل، واستجابة فورية لوقف التشغيل. بينما في القطاع العمومي، توقف الجهاز يعني طوابير طويلة ومعاناة، دون محاسبة واضحة.

الحل ليس فقط شراء أجهزة جديدة، بل إصلاح منظومة الحوكمة داخل المؤسسات الصحية، عبر رقابة مستقلة، عقود شفافة، ومنع تضارب المصالح. الأداء الإداري يجب أن يرتبط بالمحاسبة، بحيث لا تمر الأعطال دون تتبع ومعرفة من المسؤول.

الفرق بين جهاز يعمل بكفاءة وآخر “خارج الخدمة” ليس فقط في الحديد والأسلاك، بل في الإرادة والشفافية والإدارة السليمة. والسؤال الحقيقي ليس: “لماذا تعطل الجهاز؟”، بل: “من المستفيد من تعطل الجهاز؟”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.